شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
لبنان يفتح باب استعادة الجنسية... يا أهلاً بالمغتربين

لبنان يفتح باب استعادة الجنسية... يا أهلاً بالمغتربين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الثلاثاء 14 مارس 201702:35 م
"أذكر حكايا جدّي عن لبنان في فصل الصيف والأيام المشمسة، عن السهرات واللقاءات العائلية، عن الغناء والفرح... عن كل شيء". يستقبل موقع lebanity.gov.lb زوّاره بهذه العبارة. الموقع الرسمي، الذي أطلقته وزارة الخارجية، لتحفيز المغتربين ومواطني الدول من أصولٍ لبنانية على استعادة جنسيتهم اللبنانية. فلبنان على أبواب انتخابات، والانتخابات بحاجة لأصوات، ولو من باب فتح إعادة الجنسية لأجيالٍ لم تزر لبنان. مع أن في لبنان أمهات لا يستطعن منح الجنسية لأبنائهن لأنهن تزوّجن من غير لبناني، ولا يشفع لهن ولا لأولادهن أنهم يقطنون في لبنان. فالخوف من التغيّر الديمغرافي يفرض نفسه، تماماً كما يختفي عند فتح باب العروض لاستعادة الجنسية. "برنامج استعادة الجنسية اللبنانية"، الخاضع لإشراف وزارة الخارجية والمغتربين، بحسب ما يقدّمه الإعلان التّرويجي المخصّص له باللغة الإنكليزية، يحمل نفساً تطويرياً من حيث استخدام التقنيات الإلكترونية، فالموقع يتيح للمغترب ملء طلب استعادة الجنسية إلكترونياً، على أن يرسله لأقرب سفارةٍ أو قنصليةٍ لبنانية في البلد الذي هو فيه. ويؤكّد الإعلان أن العمر المفترض لعملية القبول أو الرفض هو أسابيع فقط، والمدّة الزمنية وحدها تشكل مفاجأة لمن يعرف البيروقراطية المعتمدة في الدوائر الحكومية اللبنانية. فمن الممكن أن تستغرق معاملة بسيطة شهوراً كي توقّع، ما لم تتدخّل الواسطة أو الرشوة. أما معاملة استعادة الجنسية، فمدّة إمرارها أسابيع معدودة، وكي لا يُعزل المغترب عن الإجراءات التي يجري تنفيذها، استحدثت وزارة الخارجية والمغتربين تطبيقاً للهواتف الذكية، يعطي إخطاراتٍ للمستخدم الذي تقدّم بطلب الجنسية، عن المراحل التي يمرّ بها طلبه. الموقع ناطقٌ بأربع لغات، الإنكليزية والفرنسية بما أنهما لغتان عالميتان أساسيتان، إضافةً إلى الإسبانية والبرتغالية، واختيار البرتغالية سببه واضح، فهي اللغة المحكية في بعض دول أميركا الجنوبية، لا سيما البرازيل، والإسبانية قريبة من اللغة اللاتينية المحكية أيضاً في الأرجنتين وغيرها. اختيار اللغات مردّه إلى الوجود اللبناني، او لأشخاصٍ ذي أصولٍ لبنانية هناك، يفوق تعدادهم العشرين مليوناً، ففي البرازيل وحدها، يسكن ما تعداده من 7 إلى 12 مليوناً، وفي الأرجنتين مليون ونصف المليون عدا 4.5 مليون يتوزّعون على أمريكا اللاتينية. خطوة الوزارة تحمل إيجابياتٍ عديدة، كفائدةٍ إقتصاديةٍ وتوسيعٍ للهامش اللبناني عالمياً. الحكومة ذاتها التي شرّعت إعادة الجنسية، والوزير ذاته الذي يتخوّف دائماً من تجنيس أبناء المتزوجات من أجنبي، يعملان تبعاً للقرار الرقم 15 الصادر بتاريخ 19 كانون الثاني 1925 والمعدل بالقانون الصادر بتاريخ 11-1-1960، وهو يؤكّد على حصر رابطة الدم بالأب. المشهد اليوم سوريالي، سلطةٌ تحرم أمهاتٍ من حقوقهن، ومنحدرون من أصلٍ لبناني، تركض السّلطة خلفهم كي يستعيدوا جنسيتهم. خطوة وزارة الخارجية أكثر من ممتازة، ولا تحمل أيّة سلبياتٍ تّذكر، بل توسّع الأفق الثّقافي والاقتصادي للبنان، وتتيح له الحضور بشكلٍ دبلوماسي أفعل على السّاحة الدّولية، ولو أن هدف وزارة الخارجية ووزيرها إنتخابي في جزئه الأكبر، لكن هذا لا يلغي فاعلية الخطوة وأهمّيتها. يمكن للأمهات المطالبات بالجنسية لأبنائهن استغلال مطلبهن في البازار الانتخابي، لربما تلتفت السّلطة لحقوقهن عندها فقط. خطوة وزارة الخارجية والمغتربين، على صحّتها، تستوقف المتابعين للوزير والوزارة، فباسيل هو نفسه عارض السماح للأمهات بتجنيس أولادهن، لكنه لم يشمل الأمهات جميعاً، بل فقط المتزوجات من سوري أو فلسطيني أو عراقي "مسلم". يجاهر باسيل باسلاموفوبيته ولاجئ-فوبيته، ويسعى، ومعه داعمو مشروع إعادة الجنسية لكسب أصواتٍ تعيد للبنان هويته "المسيحية" برأيهم، والمضحك المبكي، أن مجلس النواب قد يضم مشروع إعادة الجنسية إلى القوانين المشمولة بتشريع الضرورة، فالضرورات الانتخابية تتقدّم على الضرورات الانسانية برأي السّلطة. مئات الحالات من الأمهات العاجزات عن منح أبنائهن الجنسية، سيتفرّجن على مسرحية انتخابية مسيحية، تدفعهن تلقائياً للهجرة، لربما، تستفيق الحكومة ووزارة الخارجية بعد أعوامٍ وتتكرّمان عليهن بإعطائهن حقوقهن، وأبسطها، منح الجنسية.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard