شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
الأخ الأكبر في

الأخ الأكبر في "1984" أو "القاهرة 2017"... كيف تفشل؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الثلاثاء 24 يناير 201704:15 م
انتابني شعور غريب الأيام الأخيرة فأحسست كأني "ونستون سميث" Winston Smith، بطل رواية "1984" لجورج أورويل Georges Orwell، والأخ الكبير يراقبنا، لا يدعنا نفكر إلا في "الستر". لم أحضر دفتراً كـ"ونستون" لأدوّن مذكرات تحمل أفكاراً مناهضة للنظام في مصر. إلا أن هذا الشعور بدأ يتغلغل فيّ، حين قرأت صدفةً نصاً كتبته عام 2014. هل حقاً أنا من كتب "نظام رخو، ذلك النظام الذي يخلق من فُقاعات، فزاعات، ويضيق ذرعاً من برنامج، ويغضب من رأي لكاتب مقال، ويسعى لتكميم الأفواه المعارضة وإعلاء صوت واحد يسبح بحمده ويهلل له، ويبطش ويعذب بدعوى الحرب على الإرهاب. فرع لم يدرك كأصله أن (الثورة مستمرة) وأننا قد نحبط في وقت، ولكننا نؤمن بأن (اليأس خيانة) وأننا سننتصر ولو بعد حين". لقد تغير الحال الآن والإيمان تزحزح من المكان الذي كان فيه - في القلب - وصارت "اللهم هجرة" دعوتي. الأخ الكبير يراقبك. لا تكتب منشوراً على فيسبوك فشاشة الرصد قد تضبطك متلبساً بجريمة فكر. نعم، فكرت في الحرية... ألا تدري أن الحرب هي السلام، والحرية هي العبودية، والجهل هو القوة. اصمت، فالكل يصمت، حتى لا تكون مثل "إيمانويل غولدشتاين" Emmanuel Goldstein. ارتكبت كل الجرائم، والخيانات والأعمال التخريبية، لزعزعة استقرار الجنة. george-orwellgeorge-orwell إن الأخ الكبير أكد أنه لن يرفع الأسعار، إذاً فهو لم يرفع الأسعار... الأسعار كما هي، فلا تؤمن بغير ذلك. أعلم أنك تعاني من زيادة الأسعار الناتجة عن تحرير سعر الجنيه، ولكن أؤكد لك إن الأخ الكبير لم يرفعها وإنما التجار... آه من هؤلاء التجار. الجشع يملأهم. ولكن.. أيها الرفاق، انتبهوا، وردتنا أنباء رائعة لكم. سيتحسن مستوى المعيشة بعد 6 أشهر... هذا وعد من الأخ الكبير، وكما نعرف "وعد الحر دين عليه". وإذا خرج "إيمانويل غولدشتاين" من فيينا، ليقول إن الأخ الكبير سبق ووعد بحل أبرز المشاكل التي نعانيها خلال عامين. لا تصدقه. لا سبيل أمامك سوى ذلك. هل تفهمني؟
الأخ الكبير يراقبك. لا تكتب منشوراً على فيسبوك فشاشة الرصد قد تضبطك متلبساً بجريمة فكر..
مقاربة بين الوضع الحالي في مصر، ورواية جورج أورويل "1984"... الأخ الأكبر يراقبك
كتب "ونستون": "إن كان هنالك من أمل، فالأمل يكمن في عامة الشعب"، وكتبت أنا "يعلم الحاكم المستبد أنه لن يستمر في الحكم يوماً إذا انجلى الخوف من قلوب بني شعبه، فيخلق فزاعات تبقي المواطنين أسرى رعب وهمي يصنعه، ليضمن استمراره"... هل حقاً أصبحت أشبهه. فأنا مثله أؤمن بأنهم لن يثوروا حتى يعوا، ولن يعوا إلا بعد أن يثوروا. حقاً المسألة معقدة أو كما يقول غولدشتاين "إحنا لايصين Completely"! لا انكر أنني أشعر في بعض الأوقات أنني لا أشبه "ونستون" وكل ما يملأ رأسي في هذا الإطار مجرد وهم، فأنا لم أشطح مثله وأقول إنه من الممكن أن يعلن الحزب أن 2+2 يساوي 5، وعليك أن تصدق ذلك. وعاجلاً أم آجلاً سيحصل ذلك. حتى لو خرج الأخ الكبير، وقال "أنا مش عايز واحد زائد واحد يساوي اتنين، أنا عايز واحد زائد واحد يساوي 3 و5 و9"، لن أصدق ذلك... مستحيل أن يحدث ذلك. يبدو أنني حقاً لا أشبهه، وأعاني نوعاً من أنواع الحمى. لا أخفي عليكم أنني مسرور من ذلك، ولكني اعترف لكم بأني أعاني مثل "ونستون سميث"... آه منك يا "ونستون" تطاردني كثيراً هذه الأيام، ولكني احترمك. إجابتك على "أوبراين" حين سألك "كيف يؤكد إنسان سلطته على إنسان آخر؟" تمثلني... فعلاً يا "ونستون"، يحكم سيطرته عليه بجعله يقاسي الألم. يحكم سيطرته على الشعب كله. سنعاني ونقول "ستفشلون على أية حال، لا بد أن شيئاً ما سيقهركم"... قد تطيح بكم جزيرة، أو علبة لبن أطفال! يا أيها النظام الساعي لإقامة دولة بوليسية، لن أقول مرة أخرى إن الخوف يتملكك، وأنك كـ"البالونة" ممتلئ بالهواء، وبـ"دبوس" صغير من "دبابيس" الثورة توخز به، سينتهي أمرك، وسترحل كمن سبقوك، فقد أصابني الملل، وفقدت حماستي اتجاه التغيير في هذا البلد. ولن أقول كـ"ونستون": "لا بأس... لا بأس فقد انتهى النضال وها قد انتصرت على نفسي وصرت أحب الأخ الكبير". للأسف نحن كالهراطقة، سنسير نحو الخوازيق المعدة لنا ونحن نجهر بهرطقاتنا ونتباهى بها... نتباهي بها وكلنا دهشة. كيف تفشل وكل معارضيك في السجن... وكل الإعلام معك... لا تحسد عبد الناصر، فهو الآن يحسدك.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard